” ﻫﻲَ ﺑﺤّﺔُ ﺻﻮﺕْ , ﻭﺍﺧﺘﻨﺎﻗﺔُ ﻧﺎﻱ ”
ﻧﺴﺮﻑُ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻓِﻲ ﺍﻹﻣﺴَﺎﻙِ ﺑﺒﻌﺾ ﺃﺷﻴﺎﺋﻨﺎ , ﻭﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻅِ ﺑﻬﺎ ﺍﻛﺜﺮَ
ﻧﺨﺎﻑُ ﻣﻦَ ﺍﻟﻤﺎﺿِﻲ ﺃﻥ ﻳﺴﺮﻕَ ﻣﻨّﺎ ﺫﺍﻛﺮﺗﻨﺎ ﻳﻮﻣًﺎ . .
ﻧﺠﺴّﺪُ ﻟﺤﻈﺎﺗﻨَﺎ , ﻭﻧﺨﺘﻠﺲُ ﺃﻓﺮﺍﺣﻨَﺎ ﻓِﻲ ﺩﻓﺘﺮٍ ﺻﻐﻴﺮْ
ﻧﻮﺯّﻉ ﻓِﻲ ﺍﻭﺭﺍﻗِﻪ ﺩﻣﻌﺘﻴﻦْ ﻭَ ﺿﺤﻜﺘِﻴﻦ . . ﻭﺍﻟﺒَﺎﻗِﻲ ﻳﺘﻠﻘﻔﻪ ﺍﻟﻨّﺴﻴﺎﻥ
ﻧﻨﺠﺐُ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﻣﻦَ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕْ , ﻛﻞّ ﻭﺭﻗﺔٍ ﻓِﻴﻪ ﻫﻲَ ﻧﺤﻦ ﻭﻟﻜﻦ ﺑِـ ﺷﻜﻞٍ ﻣﺨﺘﻠﻒْ
ﻋﻨﺪﻣَﺎ ﻛﺘﺒﺖُ ﺳﺎﺑﻘًﺎ ﻟﻢْ ﺃﻛﻦ ﺃﺑﺤﺚُ ﻋﻦ ﻣﻜَﺎﻥٍ ﻳﻼﺋﻢُ ﻭﺭﻗﺘِﻲ ﺍﻟﺼّﻐﻴﺮﺓ ﻛَﻲ ﺃﺧﺒّﺌﻬﺎ
ﺍﻧﺎ ﺗﺮﻛﺘُﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮﺓً ﻟِـ ﺍﻟﻌﻴﺎﻥْ , ﻛﺘﺒﺘﻬَﺎ ﻛَﻲ ﻳﻘﺮﺅﻭﻫَﺎ . .
ﻛﺘﺒﺖُ ﻓِﻴﻬﺎ ﻣﺎﻛﻨﺖُ ﺃﺭﻳﺪُﻩ ﻭﻟﻢْ ﺃﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﻛﺘﺒﺖُ ﻓِﻲ ﺃﺳﻔﻠِﻬﺎ ﺃﺳﻢٌ ﻻﻳﻤﻠﻜُﻪ ﺇﻻ ﺷﺨﺺٌ
ﻭﺍﺣﺪ ﻓِﻲ ﺣﻴﺎﺗِﻲ ﻛﻠّﻬﺎ . .
ﻭﻟﻜﻦْ ﻻ ﺍﺣﺪَ ﻳﻘﺮﺅﻫَﺎ , ﺃﺟﺪﻫَﺎ ﺗﺎﺭﺓً ﻓِﻲ ﺳﻠّﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﻠَﺎﺕ ﻓﺎﻋﻴﺪﻫَﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻀﺪَﺓ
ﻭﺃﺧﻔِﻲ ﻭﺟﻬِﻲ ﺧﻠﻒَ ﻛﺘﺎﺏٍ ﻣﻘﻠﻮﺏْ , ﻛَﻲ ﺃﺭﻯ ﻣﻦ ﺳﻴﻘﺮﺃﻫﺎ
ﺛﻢّ ﻳﺘﻠﻒُ ﻛﻞّ ﻣﺸﻬﺪٍ ﻻ ﺃﺭﻳﺪﻩ . .
ﺗﻤﺮّ ﺍﻟﺪّﻗﺎﺋﻖ ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪﺓٍ ﺗﻘﺬﻑُ ﺑِـ ﺍﻷﺧﺮَﻯ ﺧﻠﻔﻬَﺎ ﻭﺗﻤﺸِﻲ … ﻭﻻ ﺃﺣﺪَ ﻳﻘﺮﺃ !
-
ﺍﻵﻥ ﺃﺣﺰﻡُ ﺩﻓﺎﺗﺮِﻱ ﻭﺍﻭﺭﺍﻗِﻲ , ﻭﺍﻧﺘﻈﺮُ ﺍﻟﻮﻗﺖَ ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡْ , ﻛَﻲ ﺃﺣﺮﻗﻬَﺎ ﺇﻧّﻲ
ﺃﺧﺼّﺺ ﻟِﻲ ﻭﻗﺘًﺎ ﻧﻬﺎﻳﺔَ ﻛﻞّ ﻋﺎﻡ , ﺍﺟﻤﻊ ﻓِﻴﻪ ﺩﻓﺎﺗﺮِﻱ ﻭﺃﺣﺮﻗﻬﺎ .
.
ﺁﺧﺮُ ﻣﺮّﺓ ﺣﺮﻗﺖُ ﻓِﻴﻬﺎ ﺩﻓﺎﺗﺮِﻱ ﻛﺎﻥ ﺷَﻴﺌًﺎ ﻓِﻲ ﺩﺍﺧﻠِﻲ ﻳﺨﺒﺮﻧِﻲ ﺑﺄﻧّﻨﻲ ﺍﺣﺮﻕُ ﻧﻔﺴِﻲ ﻣﻌﻬﺎ
ﻭﻛﻨﺖ ﺍﺗﺠﺎﻫﻞُ , ﻛﻨﺖُ ﺃﻋﻠﻢُ ﺑﺎﻥّ ﺭﺣﻴﻠﻲ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪِﻳﻨﺔ ﺳَـ ﻳﺠﻌﻠﻨِﻲ ﺃﺭﻣِﻲ ﺑﻜﻞّ ﺍﻟﺬّﻛﺮﻳﺎﺕِ
ﻓِﻴﻬﺎ ﻭﺃﺭﺣﻞُ ﻋﻨﻬَﺎ . .
ﺧﺮﺟﺖُ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺘِﻲ ﺑﻼ ﺃﻭﺭﺍﻕْ , ﺑﻼﺫﻛﺮﻳﺎﺕْ . .
ﻟﻜﻨّﻲ ﻋﺪﺕُ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻳﻮﻣًﺎ , ﻭﻣﺮﺭﺕُ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻟﺸّﺎﺭﻉ ﺍﻟﺬِﻱ ﺗﺮﺍﻗﺼﺖ ﻓِﻴﻪ ﺟﻤِﻴﻊ ﺫﻛﺮﻳﺎﺗِﻲ
ﻭﺩﺧﻠﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻟﺒﻴﺖْ , ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬِﻱ ﺍﺣﺮﻗﺖ ﻓِﻴﻪ ﺃﻭﺭﺍﻗﻲ !
ﻟﻜﻦ ﻻﺷَﻲﺀ ﻣﻤّﺎ ﺣﺪﺙَ ﻛﻨﺖُ ﺃﺷﻌﺮُ ﺑﻪ , ﻭﻛﺄﻧّﻲ ﻟﻢ ﺃﻋﺶ ﻓِﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪِﻳﻨﺔ
ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﺘِﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺸِﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻃﻴﻠﺔ ﺳﻨﺘﻴﻦ ﻛﺎﻣﻠﺘﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﺪﺭﺳﺘﻬَﺎ
ﻟﻢ ﺗﻌﺪْ ﺍﻧﺎ , ﺍﻟﺸﺎﺭﻉَ ﺍﻟﺬِﻱ ﻗﻄﻌﺘُﻪ ﺍﻧﺎ ﻭﺛﻼﺙٌ ﻣﻦ ﺻﺪِﻳﻘﺎﺗِﻲ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺘﺤﺪّﺙ ﻋﻦ ﻟﻮﻥ ﺳﻴّﺎﺭﺓِ
ﺟﺎﺭﻧَﺎ ﺍﻟﺠﺪِﻳﺪ , ﻭﻋﻦْ ﻣﺘﺠﺮِ ﺍﻟﺤﻠﻮَﻯ , ﻭﺑﻴﺖُ ﺟﺪّﺗِﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺮّ ﻣﻦ ﺍﻣﺎﻣﻪ ﻛﻞّ ﻳﻮﻡ
ﻭﺃﻋﻠﻢُ ﻛﻢْ ﻣﻦَ ﺍﻟﺬّﻛﺮﻳﺎﺕ ﻟِﻲ ﻓﻴﻪ ﻣﺬ ﻛﻨﺖُ ﻃِﻔﻠﺔ ,
ﺍﻣﺸِﻲ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻭﺍﻟﺠﻮ ﻣﺎﻃِﺮًﺍ
ﻭﺃﺑﺘﻞّ ﻛﺜِﻴﺮًﺍ , ﻟﻜﻨّﻲ ﺍﺑﻄّﻲﺀ ﺍﻟﺴّﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟِﻲ , ﺃﺭﻳﺪُ
ﺍﻥ ﺃﺟﻤَﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﻔﺎﺻِﻴﻠﻪ ﺗﺤﺖ
ﺍﻟﻤﻄﺮ
ﺍﻟﺸّﺎﺭﻉ ﺍﻟﺬِﻱ ﻣﺸﻴﺖُ ﻓِﻴﻪ ﻣﺮﺍﺕٍ ﻋﺪَﺓ
ﻭﺃﻧﺎ ﻣﺘﻌﺒَﺔ , ﺳﻌِﻴﺪﺓ , ﻣﺘﺸﻮّﻗﺔ ﻟﻴﻮﻡٍ ﺩﺭﺍﺳﻲ ﻳﺠﻤﻌﻨِﻲ ﺑِـ ﺻﺪﻳﻘﺎﺗِﻲ . .
ﻋﺎﺩﺓُ ﺍﻟﺤﺮﻕِ ﻫﺬﻩ ﺟﻌﻠﺘﻨِﻲ ﺃﻓﻘﺪُ ﺣﺼﺎﺩَ ﻛﻞّ ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕْ . .
ﻛﺎﻧﺖْ ﺗﺼﻠﻨِﻲ ﺑﺮﻗﻴّﺔٌ ﻣﻦَ ﺍﻟﺴّﻤﺎﺀ ﺑﺄﻧّﻲ ﻳﻮﻣًﺎ ﺳﺄﺭﺣﻞُ ﻋﻦ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ
ﻭﻛﻨﺖُ ﺃﻗﺮﺃﻫﺎ ﻭﺍﺑﻜِﻲ . .
ﺍﻵﻥ ﻻﺷَﻲﺀ ﻣﻤﺎ ﺣﺪﺙُ ﺃﺷﻌﺮُ ﺑِﻪ . .
ﻓﺄﻧﺎ ﺑﻌﺪَ ﻛﻞّ ﻋﺎﻡٍ ﺃﺣﺮﻕُ ﻧﻔﺴِﻲ ﻣﻊ ﺍﻭﺭﺍﻗِﻲ , ﻓﺄﺗﺠﺪّﺩ
ﺑﺮﻭﺡٍ ﺟﺪِﻳﺪﺓ
ﻟﻴﺲَ ﻏﺪﺭً ﻟِـ ﺍﻟﺬّﻛﺮﻳﺎﺕْ , ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﺷﺘﺮِﻱ ﻟـ ﻧﻔﺴِﻲ ﺫﺍﻛﺮﺓً
ﺟﺪِﻳﺪﺓ ﺗﺘﺴﻊُ ﻟﻜﻞّ ﻋﺎﻡٍ ﺟﺪِﻳﺪ . .
“ﻫﻲَ ﺑﺤﺔُ ﺻﻮﺕ , ﻭﺍﺧﺘﻨﺎﻗﺔُ ﻧﺎﻱ”